هل بلاتيني رومانسي أم واقعي؟



يفضل ميشيل بلاتيني وهو واحد من أبرز المواهب في جيله أن يصف نفسه بأنه رومانسي من الطراز القديم لديه مهمة الحفاظ على نقاء كرة القدم.


ومع تفكيره الآن في الترشح لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ربما يتساءل البعض عما إذا كان لاعب الوسط السابق لمنتخب فرنسا هو الرجل المناسب لتطهير الاتحاد الغارق في فضائح فساد طالت كبار مسؤوليه.
وتحول بلاتيني (60 عاما)، من كونه واحدا من أبرز المساندين لسيب بلاتر رئيس الفيفا في السابق إلى واحد من أشد منتقديه حاليا كما انتقد علنا مزاعم الفساد التي طالت المؤسسة الكروية العالمية.
وقال بلاتيني في مايو/ايار الماضي: "أنا أول شخص شعر بالاشمئزاز من هذا، أشعر باضطراب في المعدة عندما أفكر في مشكلة الفيفا".


وبعد رئاسته لاتحاد الأوروبي لكرة القدم لثماني سنوات ربما يكون لدي بلاتيني بعض الأفكار القوية بشأن كيفية إصلاح الفيفا عندما يتخلي بلاتر عن منصبه في فبراير/شباط المقبل.


وبالرغم من تحدثه قليلا عن كيفية إنهاء الفساد في الفيفا إلا أن عمله في الاتحاد الأوروبي يعطي مؤشرات عن كيفية إدارة مستقبل اللعبة التي تقام في جميع القارات وتحولت لمجال لأعمال تجارية ضخمة على مستوى العالم.


وأولى الخطوات التي قام بها بلاتيني في الاتحاد الأوروبي للعبة هي استحداث نظام لتصفيات دوري أبطال أوروبا يقوم على مستويين ومنح فرق أوروبا الشرقية وفرق الدول الأخرى الأقل في التصنيف فرصة التأهل لدور المجموعات الذي كان حكرا على الأندية الغنية في القارة.


وقاوم بلاتيني ضغط إدخال التكنولوجيا لمساعدة الحكام في اتخاذ قراراتهم وفضل بدلا من ذلك تطبيق نظام مبتكر يتمثل في وضع حكم إضافي خلف خط كل مرمى من المرميين.


وأظهرت سياسات أخرى انتهجها الاتحاد الأوروبي الجانب الأقل رومانسية والأقل "نقاء" والأكثر عملية في شخصية بلاتيني القيادية.
واتهمه بعض منتقديه بتحويل الاتحاد الأوروبي إلى منظمة قوية وناجحة ماديا لكن أقل سحرا حيث ازدهرت الأندية الكبيرة أكثر في حين اضطرت بقية الأندية إلى بيع أفضل لاعبيها لتظل مستمرة.


اللعب النظيف:
وتحت قيادته وجه الاتحاد الأوروبي المال والقوة صوب الأندية وبطولات الدوري الأكثر قوة واستقرارا خاصة من خلال نظام السوق حيث تعتمد إيرادات الأندية على حجم سوق البث التلفزيوني في بلادها.
وأدى ذلك إلى استمرار سيطرة نفس العدد القليل من الأندية على دوري أبطال أوروبا مما يسد المجال أمام الفرق الصغيرة مثل سانت ايتيين الفرنسي الذي حقق اخر لقب له في الدوري المحلي عام 1981 عندما كان بلاتيني لاعبا في الفريق.
وأحد اللوائح المثيرة للجدل التي استحدثها الاتحاد الأوروبي هي قاعدة اللعب المالي النظيف وهو نظام لم يثبت انه حقق الغاية منه.


ووضعت تلك اللائحة من أجل منع مالكي الأندية الأغنياء من شراء النجاح بالتعاقد مع العديد من اللاعبين أصحاب الأسماء الكبيرة إلا أنها تجبر أيضا الأندية الصغيرة على بيع أبرز لاعبيها لمنافسيها الكبار للحفاظ على أوضاعها المادية مستقرة.


ويعلم بلاتيني الواقعي أنه لن يستطيع تحمل تبعات إزعاج الأندية الأوروبية الكبيرة التي شكلت الرابطة الخاصة بها والتي كانت تعرف في البداية باسم "مجموعة 14" وتوسعت الآن لتحمل اسم رابطة الأندية الأوروبية للحفاظ على مصالحها.
إلا انه يجب عليه أيضا الحفاظ على رضا اتحادات الدول الأوروبية الصغيرة لأنها تملك حق التصويت في انتخابات الاتحاد الأوروبي للعبة.


واكتسب بلاتر، الذي ينفي مزاعم الفساد ولم يكن ضمن المجموعة التي تم توجيه الاتهام لها، شعبية كبيرة فيما وراء أوروبا وخاصة على صعيد الاتحادات المحلية في افريقيا بسبب سعيه للترويج لكرة القدم هناك.
وإذا أصبح بلاتيني رئيسا للفيفا فسيكون عليه الموازنة بين قوة وتأثير أوروبا والقوى الكروية غير الأوروبية، إلا أن تحقيقات الفساد ستظل تلقي بظلالها على جهوده وفي السنوات الأولى من توليه المنصب على الأقل.
وأوقفت لجنة القيم في الفيفا عددا من أعضاء اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي بسبب سلوكهم غير الملائم في حين اتهمت السلطات الأمريكية 14 شخصا من بينهم مجموعة من المسؤولين السابقين في الفيفا بدفع رشى وغسل أموال.


وتحقق السلطات السويسرية في عملية التصويت التي أدت لمنح حق تنظيم كأس العالم عامي 2018 و2022 إلى روسيا وقطر على الترتيب.


وقال مكتب المدعي العام السويسري إنه يملك بالفعل 81 تقريرا عن عمليات تحويل أموال مثيرة للريبة ترتبط بعملية التصويت على استضافة البطولتين، ويمكن أن تمتد التحقيقات لأعوام وهو ما يعني أن من سيخلف بلاتر سيتعامل مع تبعات هذا الأمر.


وصوت بلاتيني، وهو أحد أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا منذ عام 2002، لصالح قطر على الرغم من أن التقرير الفني للفيفا اثار مخاوف مخاوف بسبب درجات الحرارة المرتفعة في البلاد.


وقال بيدرو بينتو المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للعبة يوم الاثنين الماضي إن بلاتيني متمسك بقراره على الرغم من أن ذلك عرضه للانتقادات.


وأضاف: "إنه شخصية تملك قناعات، كان يفضل الشفافية دوما في عمله وهو واحد من بين مجموعة قليلة الم يكن الوحيد الذي كشف عن الملف الذي أعطى له صوته".


ليست هناك تعليقات